تحذيرات من انزلاق احتجاجات الشباب نحو العنف

تحذيرات من انزلاق احتجاجات الشباب نحو العنف
الوسط
حذّر الأستاذ الجامعي والمحلل الاقتصادي إدريس الفينة من خطورة المنحى الذي بدأت تسلكه الاحتجاجات الشبابية الأخيرة في المغرب، معتبراً أنها لم تعد تندرج في إطار السلمية، بل أخذت تتجه نحو العنف والاعتداء على الممتلكات، ما يهدد المشروع المجتمعي المغربي الذي بُني بجهود أجيال متعاقبة. وأكد الفينة أن هذه الدينامية الاحتجاجية مؤطَّرة بشكل غير مباشر عبر شبكات التواصل الاجتماعي من جهات مجهولة، وهو ما يجعلها قابلة للانزلاق إلى مواجهات لا يمكن التنبؤ بعواقبها.
الفينة أوضح في تدوينة على صفحته بفيسبوك، أن اللجوء إلى العنف لا يخدم الحوار ولا يساهم في تقليص الهوة القائمة بين الشباب والدولة، مشدداً على أن الأغلبية الصامتة من المغاربة ما زالت متمسكة بالثوابت الوطنية وبالمكتسبات التي تحققت، وقادرة على الدفاع عنها بكل الأشكال. ومن هنا دعا إلى حوار عاجل قبل أن تتسع دائرة المواجهة وتصبح أكثر خطورة مما يتوقعه الجميع، مؤكداً أن نعمة الأمن والاستقرار تظل أكبر مكتسب وطني، وأن فقدانهما يعني الانزلاق إلى المجهول.
وفي تدوينة أخرى، تناول الفينة السياق الأوسع للاحتجاجات، منتقداً ما وصفه بالقراءات المضللة التي تروّج لها بعض المنصات الإعلامية وشبكات التواصل، والتي ترفع سقف المطالب الشبابية على نحو لا يعكس الواقع. وأبرز أن المفارقة تكمن في غياب مطلب الشغل، رغم أنه المعضلة الأساسية، مقابل حضور مطالب مرتبطة بالصحة والتعليم والبنية التحتية، وهي ملفات تراكمية تحتاج لسنوات من الإصلاح ولا تُحل بين عشية وضحاها.
واعتبر أن بعض الفاعلين السياسيين السابقين يسعون إلى استغلال موجة الاحتجاجات للظهور بمظهر المصلحين، رغم أنهم كانوا في مواقع القرار لسنوات من دون معالجة هذه الأزمات. ودافع في الوقت نفسه عن الخيارات الاستراتيجية الكبرى للدولة، وعلى رأسها مشروع تنظيم كأس العالم، باعتباره رهانا وطنيا بعيد المدى لا ينبغي وضعه في الكفة نفسها مع مطالب اجتماعية آنية.
وأشار الفينة إلى أن المغرب استثمر خلال الأربع سنوات الأخيرة ما يفوق 2200 مليار درهم في مشاريع عمومية، من بينها إنجازات غير مسبوقة في قطاع الصحة، ما يجعل خطاب التبخيس والعدمية – حسب تعبيره – متهافتا أمام لغة الأرقام. وختم بالتأكيد على أن ما تحتاجه البلاد اليوم هو خطاب مسؤول يميز بين النقد البناء والنقد العدمي، ويشرح الحقائق للشباب بوضوح، لأن الإصلاح مسار طويل يتطلب الصبر والإنصاف معاً.