متسولون وراء الشاشات..الموضة الجديدة

بعد أن أصبح الافتراضي عالما موازيا للواقع، لم يسلم بدوره من ظواهر مجتمعية يعج بها اليومي، والحديث هنا عن التسول الذي صار له محترفوه في الشبكة العنكبوتية.

لكن المتسول الرقمي تحميه عوالم الافتراض من إراقة ماء وجهه أثناء طلب الصدقة أو التبرع أو خلافه من ضروب الاحتيال الهادف أساسا إلى جمع المال ولو بالكذب.

قد تصادف فتاة كما يبدو من صفحتها في فيسبوك، تضع صورة تجريدية أو لوحة أو وجه ممثلة، وتراسلك على الخاص وبعد السلام والتحية والاحترام مباشرة إلى طلب التعبئة، وهي الفئة التي تعتبر أخف ضررا من تلك التي تطلب شراء أدوية أو دفع فاتورة كهرباء أو إجراء عملية جراحية أو ببساطة فعل الخير والاحسان من أجل أسرة تعيش في العراء. والواقع أنه لا وجود لأسرة ما، فقط هناك وجود لنية النصب والاحتيال على رواد تلك المواقع من أجل مبلغ محترم سيضيع حتما في ملذات عابرة، سيصرف كما جاء بسرعة وبسهولة.

المتسول الرقمي يعرف من يقصد، فهو يدرس جيدا «بروفايل» الضحية قبل أن يفاتحه بالموضوع ومن ثم يشرع في اختلاق كذبة كبرى على مقاس الوجع الإنساني.

صنف آخر يراودك في البريد الإلكتروني ويستهل رسالته بتقديم نفسه، ويشرح أنه خجل قبل أن يفاتحك في الموضوع، لكنه مضطر لأنه «تقطع به الحبل» أي وجد نفسه في ورطة مالية.

لكن هناك دائما الرسائل المباشرة، يذهب صاحبها أو صاحبتها مباشرة إلى الهدف، وهي طلب المال من أجل قضاء غرض من أغراض الدنيا فيها الكثير من الأجر والثواب في الآخرة.

الحديث عن احتراف التسول ليس مجرد ملاحظات عابرة يسجلها المواطن وهو يتجول أو يشرب قهوته أو يتبضع، بل أكدتها دراسات بحثية ميدانية.

ومنها نذكر الدراسة التي أنجزتها الرابطة المغربية لحماية الطفولة منذ سنوات، والتي أشارت بما لا يدع مجالا للشك، أن ظاهرة التسوّل في المغرب تحولت إلى حرفة.

ووفق الدراسة، فإن فئة الأطفال هي الأكثرُ احترافا لهذه المهنة، خاصة من هم أقل من 12 سنة.

الدراسة أجرتها الرابطة بتعاون مع مديرية التعاون الوطني وبدعم تقني من وزارة الصحة المغربية، في عدد من المدن المغربية ومنها نذكر العاصمة الرباط، وجارتها مدينة سلا، والضواحي مثل الصخيرات وتمارة.

وأبرزت الدراسة أن نسبة الذكور المتسولين أكثر من الإناث، حيث يشكلون ما نسبته 56 في المئة، أما الإناث فنسبتهم لا تتجاوز 44 في المئة تقريباً، أما فيما يتعلق بما يجنونه فيتراوح ما بين 50-100 درهم تقريباً.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *